لماذا-يخاف-جيل-'زد'-من-الرد-على-المكالمات-الهاتفية؟

لماذا يخاف جيل 'زد' من الرد على المكالمات الهاتفية؟

لم تعد رنّة الهاتف تثير الحماس كما كانت في الماضي، إذ بالنسبة لجيل “زد” (من مواليد منتصف التسعينيات حتى مطلع الألفية)، صارت المكالمة الهاتفية مصدر توتر حقيقي، لا وسيلة للتواصل. فبينما تتكدّس الرسائل النصية والمحادثات القصيرة على هواتفهم، يختار كثير منهم الصمت عند تلقي اتصال.

هذه الظاهرة، التي يصفها الباحثون باسم “التليفوفوبيا (Telephobia)”، تتجاوز حدود الكسل أو الانشغال، لتعبّر عن تحوّل نفسي وثقافي عميق في طريقة تفاعل الأجيال الجديدة مع الآخرين.

دراسة جديدة تكشف جذور الظاهرة

في أغسطس 2025، نشرت مجلة Behavioral Sciences دراسة بعنوان

“Avoidance and Anxiety About Phone Calls in Young Adults”، توصلت إلى أن تجنّب المكالمات بين الشباب يرتبط ارتباطًا وثيقًا بـ مستويات مرتفعة من القلق الاجتماعي.

وأظهرت النتائج أن الرسائل النصية تمنح الشباب شعورًا بالتحكم والخصوصية، لأنها تتيح لهم التفكير والمراجعة قبل الرد، على عكس المكالمات التي تتطلب تفاعلاً فوريًا لا يحتمل التردد أو الخطأ.

أرقام تكشف حجم الظاهرة

بحسب مسح أجرته شركة Uswitch البريطانية عام 2024 (ونقلته Newsweek وFortune في 2025)، فإن 70% من الفئة العمرية بين 18 و34 عامًا يفضلون الرسائل على المكالمات، فيما 23% لا يجيبون إطلاقًا على الاتصالات الواردة.

وتُظهر بيانات أخرى من Parents (2025) أن جيل زد أصبح يعتمد أكثر على الرسائل الصوتية القصيرة والدردشات المصوّرة بدل المكالمات التقليدية، معتبرًا أنها أكثر “راحة نفسية” وأقل “ضغطًا اجتماعيًا”.

من القلق الاجتماعي إلى “إعادة تعريف التواصل”

يقول خبراء علم النفس إن المكالمات الصوتية تفرض على المتحدث الاستجابة الفورية، دون وقت للتفكير أو تعديل الكلمات، وهو ما يثير التوتر لدى جيل نشأ في بيئة رقمية تسمح بالتحكم الكامل في الصورة والكلمة والزمن.

وتشير تقارير بريطانية حديثة إلى أن بعض الجامعات بدأت تقديم دورات لتدريب الشباب على مهارات الاتصال الهاتفي بعد ملاحظات متكررة من الشركات حول ضعف التواصل الصوتي في مقابلات العمل أو المواقف الطارئة.

بين التحول الرقمي والحاجة إلى التوازن

الخبراء لا يرون في هذه الظاهرة دليلاً على “انعزال” جيل زد، بل على تطوّر طبيعي في أنماط التواصل؛ فالرسائل القصيرة والمحادثات المرئية أصبحت لغة الجيل الجديد.

لكنهم يحذرون في الوقت ذاته من فقدان مهارة “الحديث الفوري”، لما لها من أهمية في المواقف الإنسانية والمهنية التي تتطلب دفئًا صوتيًا وتواصلاً مباشراً لا يمكن تعويضه بالرموز والملصقات.

خلاصة

فوبيا الهاتف ليست مرضًا، بل مرآة لثقافة رقمية جديدة تحكمها السرعة والاختيار والسيطرة على الإيقاع. ومع ذلك، يرى العلماء أن استعادة التوازن بين النص والصوت، بين الرسالة والمكالمة، ضروري لإعادة الإنسانية إلى التواصل في عصر الشاشات.

الكويت بوست ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة الكويتية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *