الجمل مفتاح لأدوية المستقبل

في عالمٍ لا يتوقف عن إدهاشنا، ما زال الجمل يثبت أنه ليس مجرد “سفينة الصحراء”، بل كائن يحمل أسراراً طبية قد تغيّر مستقبل الطب.

فبينما تنتشر على الإنترنت قصص غير دقيقة عن مادة تُعرف باسم “قطرة الجمل” يُقال إنها قادرة على مقاومة سموم الأفاعي، تؤكد الأبحاث العلمية أن السر الحقيقي يكمن في جهازه المناعي الفريد، الذي يحتوي على نوع نادر من الأجسام المضادة يُعرف باسم الأجسام النانوية (Nanobodies).

هذه الجزيئات الصغيرة – التي اكتشفها العلماء أول مرة في الجمال والإبل – تملك قدرة استثنائية على الالتصاق بالبروتينات المسببة للأمراض بدقة عالية، ما يجعلها أداة واعدة في تطوير أدوية لعلاج السرطان، والالتهابات الفيروسية، وأمراض المناعة.

ويشير باحثون في جامعة بروكسل وجامعة كالجاري إلى أن الأجسام النانوية المستخلصة من الجمال تتميز بثباتٍ عالٍ في البيئات القاسية، وقدرتها على العمل في درجات حرارة مرتفعة، وهو ما يجعلها مثالية لتطوير أدوية يمكن حفظها لفترات طويلة دون تبريد.

ورغم أن الجمل – بحسب الباحثين – لا يمتلك “مضاداً طبيعياً لسم الأفاعي” كما يُشاع، فإن خصائصه المناعية المدهشة فتحت أبوابًا جديدة أمام العلماء في مجال الطب الحيوي والهندسة الدوائية.

من الصحراء إلى المختبر، يواصل هذا الكائن الصبور إلهام الباحثين… وربما يحمل دمه في المستقبل مفاتيح علاج لأمراضٍ طالما استعصت على البشر.