من الجلد الحي إلى 'العضلات الهوائية': ابتكارات تقرّب الروبوتات من البشر

في السنوات الأخيرة، شهدت الروبوتات طفرة غير مسبوقة في مجال المواد الذكية، بدءًا من اليابان وصولًا إلى كوريا الجنوبية. فبعد أن كشفت جامعة طوكيو عام 2022 عن تطوير أول جلد حي يُزرع فوق إصبع روبوت، لتتبعه في 2024 بتقنية جديدة تسمح بتركيب الجلد الحي على وجه روبوت، جاء الدور على باحثي جامعة بوهانغ للعلوم والتكنولوجيا (POSTECH) في كوريا الجنوبية ليعلنوا في أغسطس 2025 عن ابتكار غطاء روبوتي مرن يحاكي آلية انقباض العضلات عبر شبكة هوائية ثلاثية الأبعاد.

الابتكار الياباني: جلد حي يلتئم ذاتيًا

قاد البروفيسور شوجي تاكيوشي فريق جامعة طوكيو في تجربة رائدة نشرت عام 2022 في مجلة Matter (Cell Press)، حيث غُطّي إصبع روبوتي بطبقتين من الجلد البشري الحي (أدمة وبشرة). هذا الجلد لم يقتصر على إضفاء مظهر واقعي فحسب، بل أظهر قدرة على الالتئام الذاتي من الخدوش الصغيرة، في سابقة تفتح الباب أمام أطراف صناعية وروبوتات أكثر إنسانية.

وفي يونيو 2024، قدّم الفريق تقنية “مراسي الجلد” المستوحاة من الأربطة البشرية، لتثبيت الجلد الحي على وجه روبوت دون تمزق. هذا التطوير جعل من الممكن التفكير في تغطية أجزاء أكبر وأكثر تعقيدًا من جسم الروبوت، مع الحفاظ على مرونة الحركة وإمكانية الإصلاح الذاتي.

الابتكار الكوري: غطاء هوائي يحاكي العضلات

بعد عامين فقط، أعلن فريق كوري بقيادة البروفيسور كيهون كيم عن ابتكار مختلف، لكنه يكمل المسار ذاته نحو جعل الروبوتات أقرب إلى البشر. ففي ورقتهم المنشورة في Nature Communications (أغسطس 2025)، قدّم الباحثون مشغّلًا روبوتيًا مرنًا على شكل غطاء رقيق يدمج شبكة هوائية ثلاثية الأبعاد، تسمح للروبوت بالحركة في اتجاهات متعددة وبطريقة تستلهم آلية انقباض بروتين الميوسين داخل العضلات البشرية.

ورغم أن الابتكار الكوري لا يستخدم خلايا حية، إلا أنه يمنح الروبوتات قدرة حركية متقدمة تتيح لها العمل في مساحات ضيقة أو بيئات وعرة. التطبيقات المحتملة تشمل الروبوتات الجراحية الدقيقة، والروبوتات التعاونية في المصانع، وحتى أنظمة الاستكشاف تحت الماء.

مساران يكملان بعضهما

يبرز الابتكاران الياباني والكوري مسارين متكاملين لتقريب الروبوتات من البشر:

المسار الياباني يركز على إضفاء المظهر البيولوجي والقدرة على الإصلاح الذاتي عبر الجلد الحي.

المسار الكوري يركز على تعزيز الحركة والمرونة الميكانيكية من خلال هندسة شبكات هوائية دقيقة.

وبينما يمنح الجلد الحي الروبوت مظهرًا وحسًّا أقرب للبشر، يضيف الغطاء الهوائي الكوري بعدًا حركيًا حيويًا يحاكي العضلات. الجمع بين هذين الابتكارين قد يفتح الباب أمام جيل جديد من الروبوتات يجمع بين الملمس الواقعي والحركة الطبيعية، ليخدم قطاعات مثل الرعاية الصحية، والأطراف الاصطناعية، والصناعة، والاستكشاف العلمي.