هل يكشف الذكاء الاصطناعي الأمراض قبل ظهورها بسنوات؟

هل يمكن أن يخبرنا الذكاء الاصطناعي عن المرض الذي قد نصاب به بعد عشر سنوات؟ سؤال يبدو للوهلة الأولى أقرب إلى الخيال العلمي، لكنه يتحول تدريجياً إلى واقع داخل غرف التشخيص ومراكز الأبحاث الطبية حول العالم.

فلم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد وسيلة لتحسين الكفاءة، بل أصبح شريكاً رئيسيًا في ميدان الطب، قادراً على كشف مؤشرات دقيقة للأمراض، من السرطان إلى أمراض القلب والزهايمر، قبل أن تلاحظها العين البشرية. شركات عالمية طورت أنظمة تحلل صور الرئة لاكتشاف سرطان الرئة في مراحله الأولى بدقة تتجاوز 90 بالمئة، فيما تكشف خوارزميات أخرى احتمالية الإصابة بأمراض القلب من صور شبكية العين أو ترصد بوادر الزهايمر من أنماط الكلام وحركات الوجه.

تجارب مصرية واعدة

في مصر، بدأت مستشفيات قصر العيني مشروعاً تجريبياً لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل صور الأشعة المقطعية للكبد. ويقول الدكتور أحمد البدري لموقع سكاي نيوز عربية إن التجربة ساعدت في اكتشاف أورام صغيرة كان يصعب رصدها بالعين البشرية، موضحاً أنها وفّرت وقتاً كبيراً في مراجعة مئات الصور الطبية يوميًا.

كما تعمل فرق بحثية بجامعة الإسكندرية على تطوير أنظمة للتنبؤ بمضاعفات السكري اعتماداً على بيانات المرضى المحليين، بينما يسعى المركز القومي للبحوث إلى بناء قاعدة وطنية لصور الأشعة لاستخدامها في تدريب الخوارزميات وتكييفها مع خصوصية الحالة المصرية.

تحديات وضمانات

رغم هذه الطفرة، يحذر خبراء من مخاطر الاعتماد المفرط على الخوارزميات. ويقول محمود صبري، أستاذ الذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة، في حديثه للموقع نفسه إن “التحدي يكمن في ضمان شمولية البيانات حتى لا تؤدي الانحيازات إلى تشخيصات خاطئة”. ويضيف أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن الطبيب، بل أداة مكبرة تدعمه في رؤية ما قد يفوته بالطرق التقليدية.

صناعة بمليارات

الجانب الاقتصادي لا يقل أهمية عن البعد الطبي، إذ يتوقع أن يتجاوز حجم سوق الذكاء الاصطناعي الطبي 180 مليار دولار بحلول 2030. ويشير الخبير الاقتصادي أشرف البيومي لـ”ـسكاي نيوز” إلى أن الاستثمار المبكر في هذه التكنولوجيا قد يوفر للدول العربية مليارات الدولارات عبر تقليل تكاليف العلاج المتأخر وتعزيز الاكتفاء المحلي بالتقنيات.

المستقبل؟

المؤكد أن الذكاء الاصطناعي لن يلغي دور الأطباء، لكنه يعيد تشكيله عبر شراكة جديدة بين الإنسان والآلة، حيث يصبح التشخيص أدق والعلاج أسرع، بينما يبقى القرار النهائي في يد الطبيب. إنها ثورة طبية تتشكل أمام أعيننا، تحمل وعودًا هائلة، وتطرح في الوقت ذاته تساؤلات جوهرية حول مستقبل العلاقة بين العلم والإنسان.