'غرابيل'… دراما تكشف معاناة الإنسان في مواجهة الحياة

ضمن فعاليات الدورة الثانية من مهرجان “باك ستيج قروب”

يواصل مهرجان “باك ستيج” المسرحي عروضه المسرحية ضمن المسابقة الرسمية حيث قدمت مسرحية “غرابيل” ضمن فئة العرض التراجيدي، وهي من بطولة فاطمة الطباخ ويعقوب حيات وشبنم خان، وإخراج علي حسين أكبر. وهي مأخوذة من رواية “عن الموت وإليه راجعون” لكاتب المسرحية عبداللطيف الياقوت حيث تفاجأ الحضور بتيمة درامية جديدة تماما في عروض المهرجانات.

فقد اعتمدت الفكرة الأساسية للعرض المسرحي على الحالة الدرامية التي لها واقع مهم على الخشبة من أجل ان يتفاعل معها الجمهور وفق ايقاع منضبط في كل تفاصيل وادوات العرض وحركة الممثلين على المسرح التي كانت مثالية

وجسدت الفكرة من خلال معالجة عميقة تمحورت حول قضية الروحانية والصراع الداخلي، إذ تناولت الأم التي تمثل رمزًا للسلطة والقهر، وكيف تبرأ أبناؤها منها بعد معاناتهم الطويلة معها، قبل أن تعود إليهم بصورة أقسى، وكأن الماضي يأبى أن يُدفن مهما حاولوا الفرار منه.

بالإضافة لجهد الممثلين الواضح وجديتهم في العمل، وتعاملهم مع كل مفاجآت المسرح، ما ميز العمل حقاً هو الجانب التقني والإخراجي الذي برع فيه المخرج علي حسين أكبر، من خلال استخدام الإضاءة المتغيرة المعبرة بألوانها وحركتها، والمؤثرات الصوتية المتقنة التي خدمت المشاهد التراجيدية وأضفت عليها بعداً شعورياً مكثفاً. كما كان لافتاً أن هذا العمل يُعد أول عرض استعراضي في هذه الدورة من المهرجان، ما أضاف تنوعاً وجاذبية فنية للمشهد المسرحي العام.

أكثر ما أثار تفاعل وإعجاب الجمهور هو اختيار المخرج لثلاثة أطفال لأداء شخصيات الأبطال في مراحل طفولتهم، وهو خيار جريء ومغامرة فنية موفقة للغاية، انسجمت تماماً مع شعار المهرجان “إبداع المخرج المسرحي”. رغم صغر أعمارهم، فقد أظهر الأطفال حضوراً لافتاً وقدرة على نقل مشاعر معقدة ببساطة وصدق، ما أضفى لمسة إنسانية مؤثرة على العرض.

في النهاية، يمكن القول إن “غرابيل” ليست مجرد مسرحية تراجيدية، بل تجربة فكرية وجمالية تُعيد طرح سؤال الهوية والذاكرة والإنسان في مواجهة القهر. هي عمل يُغربل الواقع، كما يشير اسمها، ليكشف عن جوهر الإنسان في لحظات ضعفه ومقاومته في آن واحد.