مع استمرار صعوده التاريخي… هل يعيد الذهب تشكيل النظام المالي العالمي؟
منذ اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير 2022، دخل الذهب في موجة صعود قوية، ليؤكد مجددًا مكانته كملاذ آمن في أوقات الأزمات. فقد دفعت قرارات الغرب بتجميد الأصول الروسية البنوك المركزية حول العالم إلى إعادة التفكير في هيكل احتياطياتها، ما عزز الإقبال على المعدن الأصفر بعيدًا عن الدولار.
كما أضافت حرب غزة في خريف 2023 دفعة جديدة لزيادة الطلب على الذهب، في ظل المخاوف من توسع الصراع إقليميًا. ومع كل جولة تصعيد عسكري تواصل الأسعار الارتفاع، وسط إقبال من المستثمرين وصناديق التحوط وحتى الأفراد الباحثين عن الأمان.
وكشفت بيانات مجلس الذهب العالمي”WGC”، بلغ المخزون العالمي من الذهب فوق سطح الأرض حتى نهاية 2024 نحو 216.26 ألف طن، موزعًا بين المجوهرات بنسبة تقارب 45%، والسبائك والعملات وصناديق الاستثمار بنحو 22%، فيما تحتفظ البنوك المركزية بنحو 37.75 ألف طن أي ما يعادل 17% من الإجمالي.
احتياطات الذهب العالمي
وعلى مستوى الدول، تصدرت الولايات المتحدة قائمة العام الماضي باحتياطيات بلغت نحو 8.13 ألف طن، أي ما يعادل قرابة 3.8% من إجمالي الذهب العالمي. وتأتي ألمانيا في المرتبة الثانية بنحو 3.35 ألف طن (1.5%)، تليها إيطاليا بـ 2.45 ألف طن (1.1%)، ثم فرنسا بـ 2.43 ألف طن (1.1%). أما روسيا فتمتلك نحو 2.33 ألف طن (1.1%)، بينما تحتفظ الصين بحوالي 2.22 ألف طن (1.0%).
اما أبرز المشترين في تلك الفترة فكانت الصين التي عززت استقلالها النقدي بإضافة أكثر من 200 طن عام 2023، إلى جانب تركيا والهند وبعض دول آسيا الوسطى مثل كازاخستان وأوزبكستان، في إطار سياسة متنامية لتنويع الاحتياطيات لدى البنوك المركزية الناشئة.
ومع تجاوز الدين الفيدرالي الأميركي 34 تريليون دولار واستمرار الضغوط الجيوسياسية، يتصاعد الجدل حول مستقبل الدولار كعملة احتياط مهيمنة. وإذا تراجعت الثقة فيه، فقد يلعب الذهب دورًا أكبر في النظام المالي الدولي، خاصة مع توجه البنوك المركزية الناشئة لتقليص اعتمادها على العملة الأميركية.
مستويات أسعار تاريخية
وفي مطلع 2025، أشعلت الحرب التجارية الأميركية–الصينية موجة قلق عالمي بشأن مستقبل التجارة والدولار، ما دعم أسعار الذهب مجددًا. لكن الذروة جاءت منتصف العام حين نشر الاحتياطي الفدرالي الأميركي ورقة بحثية تناقش سيناريو “إعادة تقييم” احتياطيات الذهب الأميركية. ورغم أن الورقة لم ترقَ لكونها سياسة رسمية، فإن غياب النفي القاطع غذّى إشاعة قوية، دفعت الأسعار إلى مستويات تاريخية تجاوزت 4300–4400 دولار للأونصة.
وباتت أي خطوة محتملة من الولايات المتحدة نحو إعادة تسعير الذهب ، كما أُثير في الدراسة قد تعني عمليًا إعادة تشكيل النظام النقدي العالمي بصورة جذرية، فرفع القيمة الدفترية لاحتياطيات الذهب الأميركية إلى الأسعار السوقية سيحوّل المخزون الأميركي إلى مصدر ضخم للتمويل، لكنه في الوقت نفسه قد يهز الثقة بالدولار ويُعطي دفعة لفكرة العودة إلى الذهب كركيزة للنظام المالي الدولي.
3 عوامل تحدد مستقبل الذهب
يبقى مستقبل المعدن الأصفر مرهونًا بثلاثة عوامل رئيسية:
1- الاستقرار الجيوسياسي: أي تهدئة الأوضاع الجيوسياسية ستقلل الطلب، بينما استمرار التوتر سيبقي الأسعار مرتفعة.
2- السياسة النقدية الأميركية: انضباط العجز والضرائب قد يعيد الثقة بالدولار ويكبح صعود الذهب.
3- ثقة الأسواق: غياب اليقين بشأن النظام المالي العالمي سيكرس عودة الذهب كركيزة للأمان.
الكويت بوست ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة الكويتية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.
