الذكاء-الاصطناعي-يعيد-تشكيل-مستقبل-السوق-العقاري-الكويتي

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل مستقبل السوق العقاري الكويتي

خبراء: أحدث نقلة نوعية في تحليل البيانات واستخلاص الاتجاهات والتنبؤ بحركة الأسعار

مروة البحراوي

“عقار” صفحة أسبوعية تنشرها جريدة “السياسة”، متخصصة في القطاع العقاري، ترصد آخر التطورات وأبرز الأحداث الفنية والقانونية والاقتصادية لفئات القطاع المختلفة “الخاص” و”الاستثماري” و”التجاري” و”الحرفي” و”المعارض”، فضلاً عن نقل آراء المختصين بهذا الشأن لأهميته باعتباره ثاني أكبر قطاعات البلاد الاقتصادية.

يشهد القطاع العقاري في الكويت تحولا نوعيا بفعل تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي أصبحت اليوم عنصرا محوريا في إعادة رسم خريطة السوق المحلي وتحويلها إلى بيئة أكثر ذكاء وشفافية وكفاءة، ومع تسارع الخطى الحكومية نحو التحول الرقمي، تتزايد أهمية تبني الحلول التقنية الحديثة كخيار ستراتيجي لا يمكن تجاوزه في ظل المنافسة الإقليمية والعالمية المتنامية. ويرى عقاريون ومتخصصون في نظم المعلومات أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي أحدثت نقلة نوعية في مفاصل العمل العقاري كافة، إذ باتت قادرة على تحليل البيانات الضخمة لاستخلاص الاتجاهات المستقبلية للسوق، والتنبؤ بحركة الأسعار، وتحديد المناطق الواعدة للاستثمار، كما دخلت بقوة في مجالات التقييم الآلي للعقارات، الذي يتيح تقديرات دقيقة وفورية للقيمة السوقية استنادا إلى معطيات حقيقية، ما يعزز الشفافية ويقلل من احتمالات الخطأ البشري.

وأكدوا لـ”السياسة” أن الأنظمة الذكية تسهم في تحسين تجربة العملاء عبر روبوتات المحادثة والمساعدين الافتراضيين القادرين على توفير استجابات فورية وتوصيات دقيقة، بينما تساعد أدوات التسويق المدعومة بالذكاء الاصطناعي في استهداف الفئات المناسبة وتخصيص العروض وفقاً لاحتياجات كل عميل، كما تتيح إدارة الأصول والمباني الذكية، من خلال مراقبة استهلاك الطاقة وتنفيذ الصيانة التنبؤية، بما يحد من التكاليف التشغيلية ويرفع الكفاءة.

وشددوا على أن هذا التحول يحتاج إلى حوكمة دقيقة تضمن استخداما مسؤولا وآمنا للتقنيات، وتحمي خصوصية البيانات، وتوازن بين التطور التكنولوجي والمسؤولية الاجتماعية، فنجاح الذكاء الاصطناعي في دعم القطاع العقاري الكويتي لن يتحقق فقط عبر الاستثمار في الأنظمة والبرمجيات، بل أيضا من خلال بناء ثقافة رقمية واعية تدمج التقنية بالعنصر البشري، وتضع الابتكار في خدمة التنمية المستدامة.

الصالح لـ”السياسة”: وسطاء عقاريون من “AI” خلال العام 2027 

أكد الرئيس التنفيذي لمنصة “سكن” العقارية عبدالله الصالح أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرّد أداة تحليل أو ترفٍ تقني، بل أصبح ركيزة يمكن البناء عليها لتطوير منظومة كاملة من المنتجات العقارية الرقمية التي ستعيد رسم مشهد القطاع خلال السنوات القليلة المقبلة، مشيراً إلى أن ما نراه اليوم من تطبيقات هو فقط المرحلة الأولى من تحول جذري سيتبلور مع حلول عام 2027، مع بدء انتشار ما يُعرف بـ”المنتجات الرقمية” (Digital Products).

وقال في تصريح خاص لـ”السياسة” إن أبرز هذه المنتجات “العميل الذكي” أو الـAgent، وهو نظام يعتمد على الـذكاء الاصطناعي لتنفيذ مهام يؤديها الوسطاء العقاريون التقليديون، مثل الرد على استفسارات العملاء وإجراء المفاوضات الأولية وتنسيق مواعيد المعاينات، وحتى التوصية بالعقارات المناسبة.

وأوضح أن هذه التقنية ستعمل كـ”وسيط افتراضي” يختصر الوقت والجهد في المراحل التمهيدية من عمليات البيع والتأجير، وستظل المرحلة الأخيرة من الصفقات (الإغلاق الـ Clothing) بحاجة إلى العنصر البشري، بينما ستتولى الأنظمة الذكية إدارة بقية مراحل العملية العقارية بكفاءة عالية.

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل مستقبل السوق العقاري الكويتي

play icon

عبدالله الصالح

وأشار الصالح إلى أن قطاع التقييم العقاري هو الأقرب للاستفادة الفعلية من الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن، لكونه يعتمد على البيانات المتاحة من الجهات الرسمية مثل وزارة العدل، منوها إلى تطوير “سكن” نموذج أولي بالذكاء الاصطناعي يعتمد على تغذية النظام ببيانات واقعية وصور للعقارات، وأثبت كفاءة عالية في التمييز بين الأبنية الحديثة والقديمة وعدد الطوابق والعناصر الإنشائية، مما أتاح الحصول على نتائج دقيقة في التقييم الآلي.

وكشف أن الخطوة التالية خلال العامين المقبلين قد تشمل دمج أدوات Hardware مثل الكاميرات والطائرات بدون طيار (Drones) لفحص العقار ميدانياً وتحديد عمره وجودته الإنشائية، في نقلة نوعية لآليات التقييم الحالية.

وأكد أن الذكاء الاصطناعي لن يقتصر على الوساطة والتقييم، بل سيساهم أيضاً في تحليل البيانات السوقية لتوجيه المطورين العقاريين نحو القطاعات والمناطق ذات الطلب المرتفع، مشيراً إلى أن هذه الأدوات التحليلية ستفتح الباب أمام قرارات تطوير أكثر دقة واستدامة.

وحول جاهزية السوق المحلية لاستيعاب التطورات التكنولوجية المتسارعة، أوضح الصالح أن البنية التحتية في الكويت لا تزال بحاجة إلى تطوير لتواكب المتطلبات التقنية للذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى أن دول الخليج، خصوصاً الإمارات والسعودية، سبقت في بناء مراكز بيانات ضخمة (Data Centers) قادرة على استيعاب العمليات الحسابية المعقدة لهذه التطبيقات.

عباس: 25 في المئة نمو أنظمته وتقنياته العالمية سنوياً 

قال المسؤول الإقليمي السابق لنظم المعلومات في الأمم المتحدة والبنك الدولي محمد عباس الذكاء، إن القطاع العقاري في الكويت يعيش مرحلة تحول رقمي متسارعة، تقودها تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتقدمة في مجالات تعلم الآلة وتحليل البيانات الضخمة، لتصبح أداة رئيسية في إعادة تشكيل مستقبل السوق العقاري المحلي.

وأشار في تصريح لـ”السياسة” إلى إن التحول الرقمي في القطاع العقاري الكويتي جزء من موجة عالمية تعيد تشكيل هذه الصناعة الحيوية، موضحا أن السوق المحلي بدأ فعلياً بتبني حلول الذكاء الاصطناعي، خصوصاً في أنظمة إدارة علاقات العملاء وروبوتات الدردشة وتحليل البيانات. وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد توسعاً أكبر في استخدام هذه الحلول، مما سيقود إلى قطاع عقاري أكثر كفاءة وابتكاراً وجاذبية استثمارية على المدى الطويل، تماشياً مع رؤية “كويت جديدة 2035”.

ولفت إلى أن الإمارات والسعودية تتقدمان خليجياً في دمج الذكاء الاصطناعي بالعقارات عبر مؤشرات ذكية ومشاريع عملاقة مثل “نيوم”، بينما يشهد السوق العالمي نمواً متسارعاً بمعدل يفوق 25% سنوياً، مدفوعاً بالحاجة لتحليل البيانات الضخمة وتحسين الكفاءة والشفافية في إدارة الأصول والاستثمارات العقارية.

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل مستقبل السوق العقاري الكويتي

play icon

محمد عباس

وأوضح أن تبنّي هذه التقنيات لم يعد ترفاً أو خياراً مستقبلياً، بل ضرورة يفرضها الواقع الحديث، لما توفره من كفاءة ودقة وشفافية في مختلف العمليات العقارية، سواء في الوساطة أو التقييم أو التطوير.

وأشار الذكاء إلى أن الذكاء الاصطناعي أحدث نقلة نوعية في الوساطة العقارية، إذ بات بإمكان الشركات تحليل بيانات العملاء وتفضيلاتهم بشكل دقيق لتقديم عروض مخصصة، إلى جانب الاستفادة من روبوتات المحادثة الذكية لتحسين خدمة العملاء وتوفير تفاعل فوري على مدار الساعة، كما أصبحت الجولات الافتراضية المدعومة بالذكاء الاصطناعي وسيلة فعّالة لعرض العقارات، مما يوفر الوقت والجهد للمشترين والبائعين على حد سواء.

وأضاف أن التقييم العقاري أيضاً يشهد ثورة تقنية بفضل “نماذج التقييم الآلي” (Automated Valuation Models)، التي تعتمد على تحليل كميات ضخمة من بيانات السوق وأسعار العقارات السابقة وخصائص المواقع، لتقدير القيم السوقية العادلة بدقة عالية، ما يقلل من الأخطاء البشرية ويعزز الشفافية في قرارات التمويل والاستثمار.

وفيما يخص التطوير العقاري، أوضح أن الذكاء الاصطناعي يساعد المطورين في اتخاذ قرارات استثمارية أكثر ذكاءً، عبر تحليل البيانات الجغرافية والاقتصادية لتحديد أفضل المواقع للمشاريع، وتحسين التصاميم لتحقيق كفاءة الطاقة والاستدامة، إلى جانب دوره في إدارة المشاريع والتنبؤ بالتكاليف والمخاطر لضمان تنفيذها ضمن الجداول الزمنية المحددة.

زمان: تحول جذري وثورة عقارية بحاجة إلى مزيد من الحوكمة الدقيقة

قالت عضو هيئة التدريس في جامعة الكويت ورئيس الجمعية الكويتية لأمن المعلومات د.صفاء زمان إن الذكاء الاصطناعي أحدث تحولاً جذرياً في القطاع العقاري، مشيرة إلى أنه لم يعد مجرد أداة تكميلية بل أصبح محركاً رئيسياً لإعادة تشكيل المشهد العقاري في الكويت والعالم.

وأضافت في تصريح لـ”السياسة” أن تبني هذه التقنيات يسهم في رفع كفاءة الأداء وتسريع العمليات وتحسين جودة الخدمات العقارية، لكنه في الوقت ذاته يتطلب حوكمة رشيدة وتنظيماً دقيقاً لضمان الاستخدام المسؤول والآمن للتكنولوجيا.

وبيّنت أن نجاح تطبيقات الذكاء الاصطناعي يعتمد على توافر بيانات دقيقة وموثوقة، إلى جانب وجود إطار تشريعي ينظم استخدامها ويحمي خصوصية الأفراد، وأوضحت أنه يعتمد بشكل أساسي على تحليل البيانات الضخمة لتقدير الأسعار والتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية، وهو ما يساعد المستثمرين والمطورين على اتخاذ قرارات أكثر دقة وموضوعية، ويعزز من شفافية السوق العقارية ويحد من التلاعب أو الممارسات غير العادلة.

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل مستقبل السوق العقاري الكويتي

play icon

صفاء زمان

وأشارت زمان إلى أن أبرز مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي تشمل التقييم الآلي للعقارات عبر خوارزميات تعلم الآلة التي تستند إلى بيانات الأسعار والمواقع والمرافق، وكذلك تحليل الصور والبيانات الجغرافية لتقييم جودة المباني وتحديد فرص التطوير المستقبلية، بالإضافة إلى توظيفه في خدمة العملاء من خلال روبوتات الدردشة الذكية التي تتيح تفاعلاً فورياً مع العملاء على مدار الساعة، مما يحسن من تجربة المستخدم ويزيد من فرص إتمام الصفقات.

ولفتت إلى أن الذكاء الاصطناعي يسهم أيضاً في إدارة المباني الذكية، عبر أنظمة مراقبة استهلاك الطاقة، والصيانة التنبؤية، وإدارة الأمن، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على خفض التكاليف التشغيلية وتحسين الكفاءة، مشيرة إلى أن شركات التطوير العقاري الكبرى بدأت في الاستعانة به لتصميم مشاريع أكثر استدامة، من حيث استخدام الموارد ومراعاة المعايير البيئية. وأكدت أن التحول الرقمي في القطاع العقاري الكويتي يمثل فرصة مهمة لتحقيق رؤية “كويت جديدة 2035″، إلا أنه يجب أن يترافق مع سياسات واضحة لحماية البيانات وتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، بحيث يتم تحقيق التوازن بين الابتكار والخصوصية، وبين الكفاءة والمسؤولية الاجتماعية، بما يضمن استدامة التطور التقني دون الإضرار بالعنصر البشري أو الإخلال بعدالة السوق.

“مستشار رقمي” يتواصل مع العملاء

قال عبدالله الصالح إن “سكن” تعمل حاليا على نظام دردشة تفاعلي يعتمد على الذكاء الاصطناعي يقوم بمهام “مستشار عقاري رقمي” يتواصل مع العميل ويقترح عليه العقارات المناسبة بناءً على المواصفات المطلوبة. وأشار كذلك إلى تطوير أداة تقييم ذكية تقوم بتحليل البيانات والصور لتحديد القيمة السوقية للعقار بدقة، إلى جانب مشروع التأثيث الافتراضي (Virtual Furnishing)، حيث يمكن للمستخدم مشاهدة العقار المؤجر أو المعروض للبيع بتصميم داخلي واقعي ثلاثي الأبعاد، باستخدام أثاث حقيقي متوفر في معارض محلية، ما يتيح له طلب القطع مباشرة عبر المنصة. ونوه إلى أن الذكاء الاصطناعي لن يغيّر فقط طريقة البيع والشراء، بل سيعيد تعريف تجربة المستخدم في القطاع العقاري بالكامل، مؤكدا أننا في مرحلة انتقالية تمهد لجيل جديد من الوسطاء والتقييمات والتجارب السكنية أكثر ذكاءً ودقة وسرعة.

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل مستقبل السوق العقاري الكويتي

play icon

أهم المميزات

● رفع كفاءة ودقة التقييمات العقارية.

● تسريع عمليات البيع والشراء عبر الأتمتة.

● تحسين تجربة العملاء بالتواصل الذكي الفوري.

● خفض التكاليف التشغيلية عبر الصيانة التنبؤية.

● دعم قرارات استثمارية أكثر دقة وذكاء.

أبرز السلبيات

● الاعتماد المفرط على الخوارزميات قد يؤدي لقرارات غير دقيقة.

● مخاطر تتعلق بخصوصية البيانات وحمايتها.

● تراجع بعض الوظائف البشرية بفعل الأتمتة.

● احتمالية تحيز الخوارزميات في تقييم المناطق أو العملاء.

الكويت بوست ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة الكويتية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك