السفير المغربي لـ'السياسة': الكويت ثالث مستثمر عربي في المملكة

السفير المغربي لدى الكويت علي بن عيسى

بن عيسى بالملتقى التجاري المشترك: 1.5 مليار دولار الاستثمارات الكويتية في المغرب

مروة البحراوي

أكد سفير المملكة المغربية لدى الكويت علي بن عيسى متانة العلاقات السياسية والاقتصادية التي تجمع بين البلدين، مشيرًا إلى أن الكويت تُعد ثالث أكبر مستثمر عربي في المغرب، خصوصًا في قطاعات البنية التحتية، وشبكات الطرق والسكك الحديدية، إضافة إلى السياحة.

وأوضح بن عيسى في تصريح خاص الى “السياسة” على هامش الملتقى التجاري المغربي– الكويتي الذي احتضنته الكويت امس بحضور المدير العام المساعد لغرفة تجارة وصناعة الكويت فراس العودة أن الاستثمارات الكويتية في المغرب تسير بوتيرة مستقرة منذ سنوات، ما يعكس الثقة الكبيرة التي يوليها المستثمر الكويتي للبيئة الاستثمارية في المملكة، ولفت إلى أن الملتقى الاقتصادي المشترك يمثل فرصة مهمة للتعريف بمناخ الأعمال في المغرب، وفتح آفاق أوسع أمام رجال الأعمال الكويتيين لتعزيز حضورهم في السوق المغربي.

علاقات تاريخية

وقال نحن نعلم بوجود عدد كبير من المستثمرين الكويتيين في المغرب، لكننا نطمح إلى المزيد من الاستثمارات، خاصة في ظل ما يوفره الاقتصاد المغربي من فرص متنوعة، مضيفا أن المغرب والكويت يرتبطان بعلاقات تاريخية عريقة، تدعمها مذكرات تفاهم موقعة في مختلف المجالات الاقتصادية، داعيًا رجال الأعمال إلى استثمار هذه المذكرات وتفعيلها من خلال شراكات عملية تستفيد من الإمكانات المتاحة لدى الطرفين.

وأكد بن عيسى أن الملتقى التجاري المغربي–الكويتي، الذي عُقد في الكويت بمشاركة عدد من المسؤولين ورجال الأعمال من البلدين، يمثل فرصة ثمينة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية، وفتح آفاق جديدة للتعاون والاستثمار المشترك.

جسور التواصل

وقال السفير في كلمته خلال افتتاح الملتقى: إن هذا الحدث الاقتصادي، الذي نظمته الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات والكونفيدرالية المغربية للمصدرين، بالتنسيق مع سفارة المغرب ووزارة الخارجية الكويتية وغرفة تجارة وصناعة الكويت، يهدف إلى التعريف بمناخ الأعمال في المغرب، وإيجاد جسور للتواصل المباشر بين الفاعليات الاقتصادية في البلدين بما يسهم في بلورة شراكات مثمرة.

وأوضح أن الجانب الاقتصادي يمثل ركيزة أساسية في هذه العلاقات، حيث بلغ حجم الاستثمارات الكويتية في المغرب نحو 1.5 مليار دولار، مدعوماً بمشاريع متنوعة تمولها المؤسسات الكويتية والشركات والأفراد، لاسيما في قطاعات الزراعة، وصناعة السيارات والطائرات، والطاقات المتجددة، والمنشآت المائية، والبنى التحتية، والسياحة، منوها إلى أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت ارتفاعاً ملموساً في حجم الاستثمارات الكويتية، مما يعكس الثقة الكبيرة التي تحظى بها بيئة الأعمال المغربية.

وعلى صعيد المبادلات التجارية، قال بن عيسى إن السنتين الماضيتين سجّلتا أعلى معدلات منذ 2018، حيث بلغت قيمة الصادرات المغربية إلى الكويت نحو 216 مليون درهم عام 2023، مقابل 1.3 مليار درهم للصادرات الكويتية إلى المغرب، ورغم تراجع طفيف في الصادرات المغربية خلال 2024 إلى نحو 180 مليون درهم، فإن الفرص المستقبلية تبقى واسعة أمام الفاعلين الاقتصاديين من الجانبين.

مشاريع كبرى

واستعرض السفير أبرز المشاريع الاستثمارية الكبرى في المغرب، مؤكداً أن المملكة تشهد طفرة نوعية في البنى التحتية، استعداداً لاستضافة كأس العالم 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، موضحا أن شبكة الطرق السريعة التي تقدر بنحو 2000 كيلومتر سترتفع إلى 3000 كيلومتر بحلول 2030، إضافة إلى مشروع القطار فائق السرعة الأول من نوعه في إفريقيا، والذي يربط طنجة بالدار البيضاء مع التوجه لتمديده إلى مراكش قريباً.

كما تطرق إلى دور ميناء طنجة المتوسط المصنف ضمن أفضل 20 ميناء للحاويات عالمياً، والأول على مستوى المتوسط وإفريقيا، فضلاً عن المشاريع الطموحة لمينائي الناظور غرب المتوسط والداخلة الأطلسي لتعزيز الربط البحري.

وفي مجال النقل الجوي، كشف بن عيسى أن المغرب يطور مطاراته الكبرى ضمن خطة متكاملة، فيما تعتزم الخطوط الملكية المغربية مضاعفة أسطولها الجوي من 50 إلى 200 طائرة بحلول 2037، بما يعزز الربط الجوي ويدعم موقع المملكة كمركز لوجستي إقليمي.

الطاقة المتجددة

ونوه إلى أن المغرب أصبح قطباً عالمياً في الطاقات المتجددة بفضل مشروعاته الشمسية والريحية، إضافة إلى إطلاق ستة مشاريع كبرى للهيدروجين الأخضر باستثمارات تصل إلى 32.6 مليار دولار، ما يعزز مكانته في سوق الطاقة المستدامة.

وأكد بن عيسى أن المملكة كرست موقعها كقطب صناعي ولوجستي رائد في إفريقيا، خاصة في مجالات صناعة السيارات والطيران والصناعات الغذائية، مشيراً إلى أن المغرب يقترب من دخول نادي أفضل 50 دولة في تقرير البنك الدولي لممارسة الأعمال.

ولفت إلى أن الحكومة المغربية تواصل تحسين مناخ الاستثمار عبر تفعيل الميثاق الجديد للاستثمار، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتقديم حوافز مالية وضريبية جاذبة، فضلاً عن تشجيع الشراكات مع الشركات الأجنبية التي تسهم في نقل التكنولوجيا وتكوين الكفاءات وخلق فرص العمل المستدامة.

وجهة سياحية عالمية

وأضاف أن هذه الجهود أسهمت في تعزيز مكانة المغرب كوجهة مفضلة للاستثمارات الأجنبية، إذ صنفته تقارير دولية في صدارة الدول الإفريقية كأفضل بلد لرجال الأعمال سنة 2025، إلى جانب تحوله إلى وجهة سياحية عالمية استقطبت 17.4 مليون سائح خلال 2024 بزيادة 20% مقارنة بالعام الذي سبقه.

فرص واعدة

بدورها أكدت غرفة تجارة وصناعة الكويت أن الملتقى التجاري المغربي – الكويتي يمثل منصة مهمة للتعرف على البيئة الاستثمارية في المغرب، والحوافز المتاحة للمستثمر الكويتي، فضلًا عن الفرص المتعددة في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية، وتصنيع الطائرات والسيارات، والطاقة المتجددة، وغيرها من المجالات ذات القيمة المضافة.

وأشادت الغرفة بالمشاركة الواسعة للشركات المغربية في الملتقى، والتي برزت في مجالات التصنيع الغذائي والدوائي، ومواد التجميل، إلى جانب الزراعة، ونظم الاتصالات والمعلومات، وصناعة الملابس والأقمشة، مؤكدة أن هذه المشاركة تشكل فرصة لبناء شراكات مثمرة مع نظيراتها الكويتية بما يعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

ولفتت الغرفة إلى أن حجم التبادل الاستثماري بين الكويت والمغرب شهد قفزات ملموسة خلال العامين الماضيين، لكنه لا يزال بحاجة إلى مزيد من التنمية والازدهار، خاصة مع توافر جميع مقومات الاستثمار بين البلدين، ودعت إلى تكثيف اللقاءات الثنائية وتعزيز الترويج للفرص الاستثمارية من أجل رفع مستوى التعاون بما يعكس متانة العلاقات بين الجانبين.

وأضافت الغرفة أن رؤوس الأموال الكويتية تمتلك خبرات طويلة وتجارب ناجحة في الاستثمارات الخارجية، وهي مقبلة على مشاريع كبرى، خصوصًا في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة، مشيرة إلى أن استعداد المغرب لتنظيم كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال سيفتح آفاقًا واسعة أمام مشاريع ضخمة، مؤكدة أهمية الترويج لها بشكل جيد بما يتيح للقطاع الخاص الكويتي اقتناص هذه الفرص الستراتيجية.