وقف التنازل عن القسائم الصناعية… خطوة لتنظيم السوق

خبراء أكدوا لـ”السياسة” أهمية القرار في العلاج المستدام لسوء استغلالها وطالبوا بآلية واضحة للتنفيذ

مروة البحراوي

في خطوة وصفت بـ”الإصلاحية”، أوقفت وزارة التجارة والصناعة إجراءات التنازل عن التراخيص وعقود القسائم الصناعية والحرفية والتجارية والخدمية في مختلف مناطق الكويت، وذلك بهدف إعادة تنظيم السوق بعد فوضى استغلالها خلال السنوات الماضية ، القرار أثار جدلا واسعا وتبايناً في ردود الافعال بين الخبراء ورجال المال والاعمال، ما بين مؤيد يراه ضرورة طويلة الأمد، ومحذرا من غياب الوضوح في آلية التنفيذ وما قد يسببه من ارتباك في السوق.

بداية وصف الرئيس التنفيذي لشركة مستشار البناء للمقاولات عبدالله وليد الحمد القرار بأنه “خطوة إصلاحية طال انتظارها”، لافتاً إلى أنه رغم ما قد يسببه من ضرر مؤقت لبعض المستثمرين، إلا أنه يضع حداً لفوضى تحويل القسائم إلى أنشطة تجارية لا تمت بصلة للقطاع الصناعي، ويعيد توجيهها نحو أهدافها الأصلية.

وأشار إلى أن السوق شهد خلال السنوات الأخيرة فقاعة إيجارية غير مبررة، حيث يدفع بعض الملاك للدولة نحو 6 دنانير للمتر سنوياً، بينما يعيدون تأجيره بما يتراوح بين 10 و15 ديناراً شهرياً، ما خلق فجوة وارتفاعات غير منطقية.

واقترح الحمد استكمال الخطوة بإعادة تسعير الرسوم لتكون أقرب إلى القيمة السوقية الفعلية، وربطها بآلية رقابية تضمن الالتزام بالنشاط المخصص للقسيمة، إلى جانب طرح أراضٍ بديلة بنظام تنافسي وإنشاء وحدة رقابية دائمة ترتبط إلكترونياً بالجهات المعنية.

ربكة التنفيذ

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي والعقاري قيس الغانم أن المشكلة الأكبر في القرار تكمن في غياب الشفافية عند إعلانه، إذ لم يتضمن بياناً واضحاً يشرح أسبابه أو يحدد مدته الزمنية، مما أحدث حالة من “الربكة” في أوساط المستثمرين والمتعاملين.

وقال إن “أي خبر اقتصادي لا يوضح خلفياته وتفاصيله ستكون سلبياته أكبر من إيجابياته، لأن المتعاملين بحاجة إلى وضوح قبل اتخاذ قرارات استثمارية أو تمويلية”، مشيراً إلى أن البنوك أيضاً تأثرت من هذا الغموض، إذ تعتمد على وضوح القيمة السوقية للمباني والقسائم عند تحديد حجم التمويل الممنوح للعملاء.

وأضاف الغانم أن وقف البيع والشراء بشكل مفاجئ ومن دون شرح وافٍ أدى إلى حالة من عدم اليقين، الأمر الذي دفع بعض المستثمرين إلى التريث وربما الانسحاب من السوق مؤقتاً، وهو ما ينعكس على مستويات السيولة والتداول في القطاع ككل.

وطالب الغانم بضرورة أن ترافق مثل هذه القرارات خطة إعلامية وتوعوية متكاملة، تشرح للمستثمرين أسباب القرار، وفوائده المتوقعة، والإطار الزمني المحدد له، حتى يتمكن المتعاملون من ضبط استراتيجياتهم الاستثمارية وفق أسس واضحة، بدلاً من المفاجآت التي قد تزعزع الثقة في السوق.

انعكاسات مباشرة

أما الخبير العقاري أحمد الدويهيس، فلفت إلى أن القرار ستكون له انعكاسات مباشرة على عمليات البيع والشراء، خصوصاً أن المستثمرين بحاجة إلى وضوح في الرؤية قبل الإقدام على أي التزامات مالية جديدة.

وقال إن “القسائم الصناعية في نهاية الأمر أملاك دولة، والحكومة لها كامل الحق في تنظيمها وإعادة النظر في طرق استغلالها بما يحقق المصلحة العامة”، إلا أنه شدد على أن المستثمرين بحاجة لمعرفة آلية التطبيق بدقة، وهل سيتم وقف جميع التراخيص دفعة واحدة لإعادة النظر في الرسوم والضوابط، أم سيتم تطبيق القرار على مراحل متدرجة تسمح بامتصاص الصدمة.

وأضاف أن أي قرار اقتصادي بهذا الحجم يتطلب خطة واضحة وتدرج في التنفيذ، حتى لا يؤدي إلى تجميد السوق وإحجام المستثمرين عن الدخول في عقود جديدة، وهو ما قد ينعكس سلباً على حركة النشاط الصناعي ويؤدي إلى تعطيل بعض الاستثمارات.

ورأى الدويهيس أن نجاح القرار يعتمد بالأساس على سرعة الجهات المعنية في الإعلان عن تفاصيله وآلياته، بما في ذلك المدة الزمنية المتوقعة لوقف التراخيص، وأهداف المراجعة، والنتائج المرجوة على المديين القصير والبعيد.