العقار-السكني-يواصل-التراجع…-تصحيح-أم-مرحلة-مفصلية؟

العقار السكني يواصل التراجع… تصحيح أم مرحلة مفصلية؟

انخفاض أسعاره بنسبة تصل إلى %30 يعيده إلى مستويات واقعية تناسب القدرة الشرائية

إعداد: مروة البحراوي

عقار” صفحة أسبوعية تنشرها جريدة “السياسة”، متخصصة في القطاع العقاري، ترصد آخر التطورات وأبرز الأحداث الفنية والقانونية والاقتصادية لفئات القطاع المختلفة “الخاص” و”الاستثماري” و”التجاري” و”الحرفي” و”المعارض”، فضلاً عن نقل آراء المختصين بهذا الشأن لأهميته باعتباره ثاني أكبر قطاعات البلاد الاقتصادية.

حافظ القطاع السكني في الكويت على وتيرة مستقرة خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025، مسجلاً أكثر من 2663 صفقة بقيمة تجاوزت 1.04 مليار دينار، وسط مؤشرات على انخفاض أسعاره بنسب تراوحت بين 5 و30% في جميع محافظات البلاد خلال الفترة الماضية، بحسب موقع العقار وجودته وتصميمه ومساحته وغيرها من العوامل التي تلعب دورا في تحديد قيمة العقار.

“السياسة” استطلعت آراء بعض الخبراء العقاريين في هذا الصدد والذين أكدوا أن هذا التراجع لا يعكس انهيارا للسوق السكني، بل حركة تصحيحية ينجم عنها عودة إلى مستويات أكثر واقعية تتناسب مع القدرة الشرائية الفعلية، إذ إن العرض ما زال محدودا مقارنة بقوة الطلب.

وأوضح هؤلاء الخبراء ان استمرار الدولة في دعم المشاريع السكنية الكبرى وتوزيع الأراضي ضمن المدن الجديدة سيسهم في تخفيف الضغوط تدريجيا على المدى المتوسط، من دون أن تؤدي إلى هبوط حاد في الأسعار.

ونوه الخبراء إلى أن شهر سبتمبر الجاري يمثل مرحلة مفصلية للأسواق العقارية في الكويت، سواء في القطاع السكني أو الاستثماري لعدة اعتبارات، منها قرب البت في حكم الطعن على قانون منع احتكار الأراضي الفضاء والانخفاض المرتقب في أسعار الفوائد البنكية، بالإضافة إلى بيع العقارات في المزاد.

وأشاروا إلى أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في رسم المشهد العقاري الجديد، مع ترقب نتائج الحكم القضائي على قانون احتكار الأراضي وقرار الفائدة، وهو ما سيحدد توجهات السوق في الربع الأخير من العام بين الاستقرار أو استمرار التغييرات في الأسعار.

الدغيشم: هبوط طبيعي قبل تطبيق قانون احتكار الأراضي

أكد الخبير العقاري عبدالعزيز الدغيشم أن التراجع الحالي في أسعار القسائم والأراضي الخاصة يعد تصحيحا طبيعيا بعد فترة من التضخم السعري غير المبرر، مبينا أن الانخفاض يتراوح ما بين 25 و30% في مختلف المناطق، وأن هذا التراجع لا يمثل انهيارا للسوق، بل عودة إلى مستويات أكثر واقعية تتناسب مع القدرة الشرائية الفعلية.

وأشار إلى أن حركة التداولات خلال الأشهر الثمانية الماضية تكشف أن الطلب ما زال قائما، غير أن المشترين أصبحوا أكثر وعيا وحرصا على مراجعة الأسعار ومقارنتها، مؤكدا أن السوق اليوم أكثر نضجا، فلم يعد الموقع وحده كافيا لتبرير السعر، بل باتت الجودة والتصميم ومساحة الأرض، اضافة الى الموقع عناصر جذب أساسية في إتمام الصفقة.

وربط الدغيشم بين تراجع الأسعار وزيادة المعروض من الأراضي بمختلف أنواعها، لا سيما مع اقتراب موعد تطبيق قانون 126 لسنة 2023 الخاص بمكافحة احتكار الأراضي الفضاء في يناير المقبل، وقال إن كثيرا من ملاك الأراضي، وخصوصا أن الورثة يسابقون الزمن لإنهاء إجراءات البيع قبل سريان القانون الذي يفرض رسوما سنوية تصاعدية على الأراضي السكنية غير المبنية التي تتجاوز مساحتها 1500 متر مربع، تبدأ بـ 10 دنانير وتصل تدريجيا إلى 100 دينار للمتر المربع.

ولفت إلى أن التقلبات السعرية جزء من طبيعة الأسواق العقارية محليا وعالميا، مضيفا أن الانخفاض الحالي شمل مختلف مناطق الكويت ولكن بنسب متفاوتة تبعا لموقع القسيمة سواء كانت “زاوية” أو “بطن وظهر”، ومدى قربها من المرافق والخدمات الأساسية.

حيدر: سبتمبر شهر مفصلي في رسم المشهد العقاري الجديد

قال رئيس إدارة وسطاء العقار عماد حيدر أن شهر سبتمبر الجاري يمثل مرحلة مفصلية للأسواق العقارية في الكويت، سواء في القطاع السكني أو الاستثماري لثلاث اعتبارات، أولا البت في حكم الطعن على قانون منع احتكار الأراضي الفضاء، ثانيا الانخفاض المرتقب لأسعار الفوائد البنكية وثالثا بيع جميع العقارات في المزاد.

واضاف ان البت في حكم الطعن على قانون منع احتكار الأراضي الفضاء سيكون له أثر مباشر على الأسعار، إذ إن رفض الطعن سيؤدي إلى انخفاض أسعار الأراضي السكنية قبل تطبيق القانون في يناير 2026، بينما قبول الطعن سيحد من هذا الانخفاض. وأشار إلى أن قرار خفض سعر الفائدة المرتقب سيؤثر بشكل كبير على السوق، لافتا إلى أن العلاقة بين الفائدة وأسعار العقار عكسية، حيث يسهم خفض الفائدة في زيادة الحركة الاستثمارية وارتفاع الطلب، بما في ذلك سحب الأموال من البنوك وتحويلها إلى السوق العقاري.

وأكد حيدر أن بيع جميع العقارات في المزاد الأخير يعكس قوة الطلب واستمرار نشاط السوق، وإن كان وفق أسعار جديدة تتناسب مع حالة السوق الحالية، مشيرا إلى أن التداولات خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025 بلغت 2664 صفقة بقيمة إجمالية 1.04 مليار دينار بزيادة 30% في كمية الصفقات و12% في قيمتها مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وأوضح أن هذه الزيادة تأتي نتيجة التصحيح في أسعار العقار السكني، الذي بدأ يتعافى تدريجيًا بعد تراجع متوسط الأسعار، ما ساعد على تحريك السوق وتشجيع المستثمرين والمشترين على الدخول في الصفقات.

السلطان: تماسك أسعار المناطق المركزية و”الطرفية” الأكثر تراجعاً

أكدت الخبيرة العقارية بسمة السلطان أن التراجع في أسعار العقارات السكنية بات أكثر وضوحًا في المحافظات البعيدة عن قلب العاصمة والمناطق الحيوية، حيث وصلت نسبة الانخفاض في بعض المناطق “الطرفية” إلى نحو 20%، وأرجعت ذلك إلى عزوف المشترين عن دفع مبالغ مرتفعة مقابل مواقع تفتقر إلى الخدمات أو تتطلب وقتا طويلا للوصول إلى المراكز التجارية.

وأوضحت السلطان أن السوق يشهد اليوم فرزا جغرافيا واضحا، إذ تحافظ المناطق المركزية “الحضرية” على أسعار أكثر تماسكا مع انخفاض طفيف لا يتجاوز 5 إلى 7%، بينما تضطر المناطق البعيدة إلى تقديم خصومات أكبر لجذب المشترين، مضيفة أن هذا الوضع مثل فرصة فعلية للأسر الباحثة عن سكن بأسعار أقل، لكنه في الوقت نفسه وضع ملاك القسائم الكبيرة تحت ضغط التنازل عن جزء من المكاسب المتحققة في السنوات الماضية.

وأشارت السلطان إلى أن استمرار الدولة في دعم المشاريع السكنية الكبرى وتوزيع الأراضي ضمن المدن الجديدة سيسهم في تخفيف الضغوط تدريجيا على المدى المتوسط، من دون أن يقود إلى هبوط كبير بالأسعار. وثمنت جهود الحكومة ممثلة في وزارة الإسكان والمؤسسة الرعاية السكنية نحو تطبيق قانون التطوير العقاري وقانون 118 لنظام المطور العقاري، معتبرة أن الخطة العشرية التي أعلن عنها وزير الإسكان عبداللطيف المشاري في مؤتمر الإسكان الخليجي، والتي تشمل إطلاق أول ثلاثة مشاريع للتطوير العقاري في 18 الجاري ضمن خطة تستهدف إنشاء 170 ألف وحدة سكنية خلال السنوات العشر المقبلة، تعكس توجها تدريجيًا نحو زيادة المعروض وتصحيح الأسعار.

أحمد: القطاع السكني المحليبين انتعاش التداولات وتراجع الأسعار

قال الخبير العقاري سليمان أحمد أن القطاع السكني في الكويت شهد تحسنا ملحوظا في مؤشرات النشاط خلال الفترة من يناير حتى أغسطس 2025، سواء من حيث عدد الصفقات أو قيمة التداولات، مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024.

وأوضح أن عدد الصفقات السكنية ارتفع إلى 2348 صفقة، مقابل 1843 صفقة في العام السابق، فيما صعدت القيمة الإجمالية للتداولات من نحو 868 مليون دينار إلى ما يقارب 956 مليون دينار كويتي، ما يعكس حالة من التحرك النشط في السوق العقاري.

لكن وعلى الرغم من هذا التحسن الكمي، فقد أشار إلى أن متوسط سعر المتر السكني تراجع بشكل لافت، حيث انخفض من 934 دينارا في 2024 إلى 844 دينارا خلال 2025.

وبيّن احمد أن هذا التراجع السعري أدى إلى تقييم سلبي لأداء القطاع ، خاصة في ظل اعتماد التحليل على متوسط سعر المتر كمؤشر رئيسي لاتجاه السوق، مع استبعاد تداولات الشيوع والمزادات والتخارج.

وفي استعراض لأداء المناطق، تصدّرت مدينة صباح الأحمد البحرية المشهد بتداولات تجاوزت 148 مليون دينار عبر 523 صفقة، بمتوسط سعر 508 دنانير، تلتها المطلاع بـ42.6 مليون دينار عبر 122 صفقة، ثم سلوى بـ35.1 مليون دينار من خلال 65 صفقة. كما برزت كل من الجابرية بـ33.4 مليون دينار، وأبو فطيرة بـ29.1 مليون دينار كأحد أبرز مناطق التداول النشطة. وسجلت مناطق مثل حولي وبنيد القار والأحمدي أدنى مستويات النشاط، حيث لم تشهد كل منها سوى صفقة واحدة فقط خلال الفترة، وبقيم متفاوتة ومتوسطات سعرية تراوحت بين 720 و1367 دينارا.

2664 صفقة خاصة خلال 8 أشهر

شهد القطاع السكني نشاطا ملحوظا خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025، حيث بلغ إجمالي عدد الصفقات 2664 صفقة بقيمة 1.04 مليار دينار كويتي، مسجلا ارتفاعا بنسبة 30% في عدد الصفقات و12% في القيمة مقارنة بنفس الفترة من عام 2024.

وتباينت وتيرة الصفقات خلال الأشهر الثمانية الأولى بما يعكس حركة السوق وردود فعل المستثمرين تجاه الأسعار والتغيرات الاقتصادية، فقد سجل يناير 281 صفقة بقيمة 106 ملايين دينار، وزاد النشاط في فبراير إلى 334 صفقة بقيمة 138 مليونا، قبل أن يتراجع موقتًا في مارس إلى 261 صفقة بقيمة 102 مليون.

مع بداية الربع الثاني، ارتفعت الحركة بشكل ملحوظ مع 380 صفقة في أبريل بقيمة 145 مليونا، تلتها مايو الذي شهد أعلى قيمة خلال الأشهر الثمانية بـ 390 صفقة قيمتها 159 مليونا، ما يعكس طلبا متزايدا على الوحدات السكنية رغم ارتفاع تكاليف التمويل.

وجاء شهر يونيو بتراجع نسبي إلى 289 صفقة بقيمة 114 مليون، قبل أن يحافظ يوليو على الزخم مع 377 صفقة قيمتها 143 مليونا، ثم سجل أغسطس 351 صفقة بقيمة 133 مليونا، رغم موسم السفر الصيفي الذي عادة ما يقلل النشاط.

ويعكس هذا الأداء أن السوق ما زال يحافظ على قوة الطلب، مدعوما بفرص شراء بأسعار أكثر تناسبا مع التصحيح السعري الأخير، ما ساهم في تنشيط التداولات وجذب المستثمرين الجدد. كما يظهر التوزيع الشهري كيف يستجيب السوق بسرعة للتغيرات الاقتصادية، بما في ذلك التحولات في أسعار الفائدة والتشريعات المرتبطة بالأراضي، ما يعزز من نضج القطاع ويؤشر على استقرار نسبي رغم التحديات.

الكويت بوست ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة الكويتية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك