البحر:-4-مسارات-رئيسية-للمشروع-التنموي-الكويتي

البحر: 4 مسارات رئيسية للمشروع التنموي الكويتي

غايته الوصول إلى دولة ثرية منافسة ذات احتياط مالي مستدام دون الاعتماد على النفط

  • رفع الناتج القومي وجذب الاستثمارات والحرص على المنافسة الحرة الشديدة
  • إصلاح سوق العمل ورفع الدعم عن الوافدين وإزالة بيروقراطية تراخيص العمل
  • ضبط نمو المالية العامة بالانتقال من نموذج دعم الأسعار إلى دعم الأسرة الكويتية

أكد الخبير الاقتصادي عدنان عبد العزيز البحر خلال استضافته في بودكاست “شارع 10” أن بناء اقتصاد كويتي مزدهر ومستدام بعيدا عن الاعتماد على النفط يتطلب التزاما صارمًا بأربع مسارات هي:

1 – رفع الناتج القومي عبر جذب الاستثمارات الخاصة والحرص على المنافسة الحرة الشديدة، والمساواة بين جميع المستثمرين بالمعاملة وفتح باب الالتحاق بعائل والزيارة والسياحة بعد اصلاح الدعم وتطبيق التامين الصحي التجاري الشامل.

2 – إصلاح سوق العمل بما يحقق تحول الجزء الأكبر من العمالة الكويتية للعمل خارج الدولة ويرفع الدعم ويعكس التكلفة الحقيقة لليد العاملة الوافدة ويزيل بيروقراطية تراخيص العمل ويحول ضبطها إلى آلية تسعير تسهل العمل وتسترجع الايرادات الضخمة المهدرة من السوق السوداء إلى المالية العامة.

3 – ضبط نمو المالية العامة باصلاح نموذج الدعم من دعم أسعار الى دعم الأسرة الكويتية وفرض التأمين الصحي الشامل على عقود العمل وأذونات الزيارة.

4 – تحديد النسب المسموح للإيرادات النفطية المساهمة فيها لتمويل الميزانية العامة.

واعتبر أن هذا الإطار سيساعد الحكومة والمجتمع على الحصول على رؤية واضحة لطريق التنمية ويلزمها به ويساعد الكويت ان تصبح بيئة أكثر تنافسية وجاذبية للاستثمار، ومكانا أفضل للعيش والعمل، مع ضمان استقرارها الاقتصادي والمالي على المدى الطويل.

في البداية، اعتبر البحر ان أي مؤسسة أو أمة ينبغي ان تبدأ مشروعها التنموي بتحديد الغاية منه، وفي حالة الكويت، فإن الغاية الواضحة هي: “كويت ثرية منافسة، ذات احتياط مالي مستدام، بدون الاعتماد على أي ايرادات نفطية، ويحرص جيرانها والعالم على استقرارها لما تضيفه من قيمة للعالم”.

واضاف البحر أن كثيرين يقعون في خطأ تعريف الغاية على أساس الوسائل كالقول بأن الغاية هي أن تكون الكويت مركزا ماليا وتجاريا هو خطأ، لأن هذه مجرد مهنة او وسيلة وليست غاية بحد ذاتها. والمهن والوسائل تتغير مع مرور الزمن، فقد تزدهر مهنة لفترة ثم تندثر لتحل محلها مهن ووسائل جديدة، بينما الغاية الحقيقية يجب أن تكون ثابتة ومستدامة.

4 مسارات رئيسية

وفي التفاصيل، قال البحر إنه إذا ما كانت غايتنا بناء كويت آمنة وثرية دون الاعتماد على النفط فهذا يعني أن تكون المالية العامة ممولة بالرسوم والضرائب، لا بالإيرادات النفطية. وان كان الهدف ان تكون متميزة، يتطلب أن تكون هذه الرسوم والضرائب أقل من نظيراتها في الإقليم والعالم، بحيث تكون الكويت بيئة جاذبة للاستثمار ومكانا أفضل للعيش والإقامة والعمل.

واضاف ان الثراء والتميز الاقتصادي يتطلبان النجاح في جذب الاستثمارات سواء لا عبر استقطاب الاستثمارات الملزمة بالتواجد بالكويت فقط، بل الأهم تلك الاستثمارات التي يمكن أن تحقق أهدافها بالعمل من أماكن أخرى، ومع ذلك تختار الكويت لأنها توفر بيئة أكثر تنافسية وأرحب للعيش والعمل.

ولتحقيق هذه الغاية، يجب ان تسلك الكويت اربعة مسارات رئيسية مع تحقيق الأهداف الرقمية السنوية والعشرية لهذه المسارات وصولا الى تحقيق الغاية خلال مدة لا تتجاوز أربعين عاما.

المسار الأول: النهوض بالناتج القومي

أكد البحر ان هذا المسار يتمثل في رفع الناتج القومي ليبلغ ما بين خمسة إلى ستة أضعاف حجم المالية العامة لتمكين الكويت من الوصول إلى ميزانية عامة متوازنة أو ذات فائض، دون الاعتماد على الإيرادات النفطية، مع مع الحفاظ على مستوى ضرائب ورسوم لا يتجاوز 15 الى 20% من الناتج القومي. ولكون الناتج القومي الكويتي اليوم يعادل مرة ونصف حجم المالية العامة فأمامنا طريق نمو اقتصادي طويل قبل الوصول بالناتج إلى 5 او 6 أضعاف المالية ونكون بمصاف الدول المتميزة الأداء، ولتحقيق هذا الهدف، لا بد من العمل على مجموعة من الأهداف الفرعية:

1 – رفع حجم الإنفاق الرأسمالي والاستهلاكي غير الحكومي: اي زيادة الاستثمارات الخاصة المحلية، والإقليمية، و دولية لانها تمثل المحرك الأكبر لمضاعفة الناتج القومي وزيادة قدرته على تمويل المالية العامة فهي المصدر الرئيسي للإنفاق الرأسمالي والاستهلاكي من خارج المالية العامة.

2 – خروج الدولة من الأسواق الخاصة: يتوجب على الدولة أن تبتعد عن العمل والمنافسة المباشرة أو غير المباشرة في الأسواق الخاصة، وأن تقتصر أدوارها على التشريع و الرقابة والتنظيم ما يفسح المجال للقطاع الخاص ليستثمر في تطوير عجلة النمو ودون مزاحمة الدولة.

3 – تحرير التراخيص وتشجيع المساواة بين المستثمرين: فتح جميع أنواع التراخيص ورفع جميع أشكال الدعم والحماية “بخلاف دعم الأسرة” التي تولد البيروقراطية وتسبب الهدر والتوجيه الخاطئ للموارد والجهد. كما يجب مساواة جميع المستثمرين بغض النظر عن جنسيتهم، في كل الجوانب، بما فيها ملكية العقار الاستثماري والتجاري والصناعي.

4 – منع الاحتكار وتشجيع المنافسة الحرة: يعد منع الاحتكار وإطلاق المنافسة الحرة وحمايتها ركيزة أساسية لنجاح التنمية وتطور الانتاجية والتنافسية، ويتطلب بناء سوق شديد المنافسة من خلال إطلاق التراخيص المقيدة وفك جميع الاحتكارات في جميع القطاعات فضلا عن محاربة الممارسات المضرة بالمنافسة مثل البيع بخسارة لإخراج المنافس الاصغر، أو دعم الدولة للاعب دون آخر مثل، قيام الخطوط الكويتية بخفض أسعارها إلى ما دون التكلفة لإخراج الشركة الوطنية للطيران من السوق، ثم رفع الأسعار بعد انسحابها فضلا عن دعم الدولة وتشجيعها لشركة المخابز المدعومة بمنافسة القطاع الخاص في خدمات المقاهي والترفيه.

واعتبر البحر ان هذه الممارسات تضر بالسوق لأنها تمنح المؤسسات الحكومية المدعومة برؤوس أموال واراضي ومنشآت مجانية امتیازات غير عادلة وتزيد من التزامات المالية العامة وتطرد الاستثمارات الخاصة وهذا تماما عكس ما يسعى مشروع التنمية تحقيقه، مؤكدا ان الهدف النهائي هو أن تكون المنافسة المحلية أشد وأعلى من مثيلاتها في الأسواق الأخرى مما يرفع الكفاءة ويطور جودة الخدمات والمنتجات بالكويت عن غيرها.

5 – إصلاح سياسات سوق العمل: اكد البحر ضرورة رفع الدعم عن اليد العاملة الوافدة مثل الصحة التعليم الكهرباء، والبنزين بحيث تعكس تكلفتها الحقيقيه، وذلك لسببين:

– تمكين اليد العاملة الكويتية من المنافسة العادلة، إذ لا يعقل أن تدعم الدولة الوافدين بالخدمات المجانية أو المدعومه، ثم تعود لدعم الكويتيين عبر برامج مثل “برنامج دعم العمالة” التعويض ضعف قدرتهم التنافسية.

– توجيه الأنشطة الاقتصادية نحو القطاعات القادرة على استيعاب التكلفة الحقيقية للعمالة، إذ ان الاستمرار بدعم انشطة غير قادرة على تحمل التكلفة الحقيقة يعد هدرا للموارد والجهد.

6 – تحرير تراخيص العمل: واعتبر ان إصلاح جذري لسوق العمل يتطلب إطلاق تراخيص العمل للوافدين، وان تعدل الدولة آلية التحكم بالعدد الكلي للعمالة الى آلية تعتمد على تسعيرة الرسوم، على غرار سياسات البنك المركزي في التحكم بالسيولة عبر أسعار الفائدة فضلا عن السماح بحرية انتقالها بين الأنشطة والشركات بحيث تتوجه تدريجيا من الانشطة غير القادرة على العمل بالكويت بهذه التكلفة لليد العاملة الى تلك القادرة على ذلك وتنتقل الأعمال ذات القيمة المضافة الأدنى الى دول أخرى، مشيرا الى ان ميزة هذا النظام أنه أكثر عدلاً بين الشركات الكبيرة والصغيرة وأقل بيروقراطية وفسادا ويحوّل ما يقارب مليار دينار سنويا من السوق السوداء لعقود العمل إلى إيرادات للدولة.

7 – رفع حجم الإنفاق الاستهلاكي والخدمي المحلي: واشار البحر الى ان ذلك يتم عبر: تطوير الخدمات التعليم، الصحة، السكن الترفيه، التسوق من خلال إطلاق التراخيص وتقليل البيروقراطية وحماية المنافسة لتشجيع المواطن والمقيم لاستخدامها بدل السفر إلى الخارج.

8 – تشجيع المنافسة بين الأجهزة الحكومية: من الأساليب الفعالة لرفع كفاءة القطاع العام هو خلق منافسة داخلية بين مؤسسات الدولة.

ولأجل تحقيق ذلك، يمكن تقسيم البلاد إلى أربعة أقاليم ذات إدارة محلية مستقلة، تتنافس في جودة الخدمات وجذب.

المسار الثاني: إصلاح تركيبة سوق العمل للكويتيين

أوضح البحر ان الوضع الحالي في سوق العمل الكويتي غير مستدام، حيث يعمل 90 % من الكويتيين في الوظيفة العامة و10% فقط خارج الدولة والمطلوب قلب هذه المعادلة معتبر ان هذا التحول هدف ستراتيجي لسببين رئيسيين:

1 – السيطرة على نمو المالية العامة.

2 – الحفاظ على تركيبة سكانية مستدامة.

إذا استمر الوضع الحالي معظم الكويتيين موظفي دولة، فهذا يتطلب بناء سوق يعتمد كليا على العمالة الوافدة لتمويل الميزانية بالرسوم والضرائب والنتيجة الطبيعية لذلك هي أن يصل عدد الوافدين إلى 20 أو 25 وافدا لكل كويتي، وهو وضع لا يمكن للمجتمع تقبله على المدى الطويل.

المسار الثالث: السيطرة على نمو المالية العامة

قال البحر إن تحقيق ميزانية متعادلة بدون ایرادات نفطية وبضرائب منافسة يتطلب من الاقتصاد الكويتي ان ينمو بشكل كبير للوصول إلى ناتج قومي يعادل 5 إلى 6 أضعاف المالية العامة ويستوجب على الدولة ان تضبط نمو المالية بشكل صارم بحيث لا يزيد نمو المالية العامة خلال الأربعين سنة القادمة عن 2% إلى 2.5% سنويا.

ورأى أن أدوات تحقيق السيطرة على المالية العامة الرئيسية هي:

1 – إصلاح سياسات الدعم: تحويل الدعم من دعم للأسعار إلى دعم نقدي مباشر للأسر الكويتية لهدفين رئيسين:

– تخصيص الدعم للأسرة الكويتية ورفع الدعم عن اليد العاملة الوافدة إذ إن دعم الأسعار (كالبنزين، الكهرباء، الماء) بينما تعويم الأسعار وتخصيص الدعم بدعم نقدي للاسرة الكويتية يترك اليد العاملة الوافدة تعكس تكلفتها الحقيقية ولا يدعم السائح والزائر.

– تحفيز الأسر الكويتية على التوفير.

2 – التأمين الصحي الإلزامي للوافدين والزائرين: والمطلوب هنا ان تلزم الدولة عقود العمل للوافدين وأذونات الزيارة والسياحة بتأمين صحي تجاري إلزامي مع حد أدنى للغطاء الصحي الشامل لكل بوليصة والذي له عدة فوائد ابرزها:

– إزالة الدعم عن العمالة الوافدة، ما يسمح بتحرير تراخيص العمل دون أعباء على المالية العامة كما يسمح بفتح باب الزيارة والالتحاق بعائل والسياحة الترفيهية والطبية.

– زيادة كبيرة في الاستثمارات في القطاع الصحي والتأميني والقطاعات الخادمة لها .

– خفض الضغط على القطاع الصحي الحكومي بنسبة قد تصل إلى 50%.

المسار الرابع: وضع حدود لمساهمة النفط بالمالية العامة

قال البحر إن هذا المسار هدفه الوصول إلى ميزانية عامة متوازنة، بما يفرض على جهاز الدولة التركيز على مسار التنمية وتحقيق الأهداف المتفق عليها.

وحدد البحر قواعد الانضباط المالي بـ:

1 – تحديد نسبة قصوى من اجمالي ايرادات المالية العامة المسموح لدخل النفط المساهمة بها، تُحدد سنويا وتتناقص تدريجيا حتى الصفر بنهاية الأربعين عاما.

2 – أي إيرادات نفطية تفوق هذه النسبة تُحوّل مباشرة إلى احتياطي الأجيال.

3 – تتعامل المالية العامة مع السقف المحدد كأنه كامل الإيراد النفطي المتاح؛ وأي إنفاق يتجاوز هذا السقف يُعد عجزا حقيقيا.

4 – أي فوائض مالية بالميزانية تحول للاحتياطي العام إلى ان يصل هذا الاحتياطي إلى ما يعادل مثلا 36 شهرا من الواردات او المصاريف التشغيلية، وما زاد بعد بلوغ هذا السقف يُحوّل تلقائيا إلى احتياطي الأجيال.

5 – حظر استخدام الإيرادات النفطية الفائضة في الإنفاق الجاري؛ بل تحول مباشرة إلى احتياطي الأجيال.

6 – إطار قانوني ملزم عبر الأدوار الحكومية.

الكويت بوست ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة الكويتية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك