تصحيح-مرتقب-في-أسعار-'السكني'

تصحيح مرتقب في أسعار 'السكني'

في الوقت الذي يشهد فيه سوق العقارات في الكويت حالة من الترقب والحذر، تتزايد المؤشرات الاقتصادية والتشريعية والاجتماعية التي تنذر بحدوث تصحيح مرتقب في أسعار العقار السكني الخاص، وربما هبوط فعلي بدأ تدريجيًا مع تراجع الإيجارات وانخفاض القوة الشرائية، نستعرض فيما يلي أهم المحركات المحتملة لهذا التحول، مع تحليل أثرها التراكمي على السوق:

أولاً: قانون احتكار الأراضي الفضاء

صدر قانون احتكار الأراضي الفضاء كأداة تنظيمية تهدف إلى معالجة اختلالات السوق الناتجة عن تركز ملكية الأراضي غير المستغلة. هذا القانون، وإن كان يهدف إلى تحفيز التطوير العمراني ومنع المضاربة، إلا أن أثره المباشر تمثل في حبس شريحة من الأراضي خارج السوق الفعلي، ما تسبب في تحجيم المعروض ورفع الأسعار مصطنعًا على مدى سنوات.

غير أن تنفيذ هذا القانون الآن، في ظل تراجع الطلب، قد يؤدي إلى ضخ بعض هذه الأراضي للسوق تفاديًا للغرامات أو الضرائب المحتملة، مما يسهم في كسر الجمود وخلق حالة من التصحيح في الأسعار.

ثانياً: تداعيات سحب الجنسية عقارياً

من القضايا المؤثرة غير المباشرة على السوق السكني الخاص حالات سحب الجنسية الكويتية من عدد من الأفراد خلال السنوات الأخيرة، وما يترتب عليها من ضرورة قيام هؤلاء الأفراد بتسييل ممتلكاتهم العقارية لتسوية أوضاعهم.

هذه الفئة مجبرة على البيع، غالبًا خلال مهلة قصيرة وقانونية، وإن لم يتم البيع طوعًا فقد يتم اللجوء إلى البيع بالمزاد العلني، في ظل أسعار سوق متراجعة أساسًا. هذا السيناريو يعني أن العقارات ستدخل السوق بأسعار أقل من القيمة السوقية السابقة، مما يعزز مناخ الانخفاض ويغذي دوامة التصحيح.

ثالثاً: تآكل القدرة الشرائية

تشير بعض القرارات الحكومية والتقارير المالية إلى خفض فعلي لبعض الرواتب والمزايا، خاصة في الجهات الحكومية والهيئات المستقلة. بالإضافة إلى تقنين الامتيازات التقاعدية مثل “الراتب الاستثنائي”، ما ينعكس سلبًا على مستوى الدخل المتاح للطبقة المتوسطة.

هذا الانخفاض التدريجي في الرواتب يؤثر مباشرة على الطلب على العقار السكني الخاص، باعتباره الأعلى سعرًا، ويزيد من الميل نحو التأجير أو الشراء في مناطق أقل كلفة، ما يعني تراجع في الطلب الفعلي وزيادة المعروض غير المتداول.

رابعاً: غياب التمويل العقاري

في ظل غياب قانون تمويل عقاري شامل وفعّال، يعجز كثير من المواطنين عن توفير كلفة الشراء نقدًا، خاصة مع ارتفاع أسعار الأراضي والمساكن في مناطق السكن الخاص. فشريحة واسعة من المستهلكين تعتمد على حلول تمويلية، لا تبدو متاحة حاليًا بالشكل الكافي.

هذه الفجوة في التمويل، مع ازدياد الفوائد المصرفية، تؤدي إلى انكماش الطلب وتأجيل قرارات الشراء، مما يضغط على الأسعار ويجبر البائعين على إعادة تسعير وحداتهم بشكل واقعي.

خامساً: رسوم الكهرباء والماء

رغم أن السكن الخاص لم يشمله حتى الآن أي تعديل في تعرفة الكهرباء كما حدث مع العقار الاستثماري، إلا أن النقاش الحكومي المستمر حول ترشيد دعم الطاقة، وفرض رسوم على الاستهلاك المرتفع، يثير قلقًا من احتمالية تطبيق ذلك في المستقبل القريب.

في حال تم فرض رسوم إضافية على العقارات الكبيرة أو ذات الاستهلاك العالي، فإن ذلك سيزيد من تكلفة الامتلاك والصيانة، ويقلل من جاذبية بعض العقارات، خصوصًا القديمة أو كبيرة المساحة، ما يدفع السوق نحو التراجع سعريًا.

ومضات تصحيحية

إذا نظرنا إلى هذه المؤشرات مجتمعة، نلاحظ أنها لا تعمل بشكل منفصل، بل تترابط لتشكل ضغطًا حقيقيًا على الأسعار في الفئة السكنية الخاصة. العرض المتزايد، يقابله طلب متراجع، والقدرة الشرائية في انكماش، بينما البيئة التشريعية والمالية تتجه إلى فرض مزيد من التنظيم والقيود. كل ذلك يجعل من الانخفاض في أسعار السكن الخاص ليس مجرد توقع… بل تصحيح قيد التحقق. وعلى المستثمرين والمستهلكين أن يعيدوا تقييم قراراتهم وفق المعطيات الجديدة، بعيدًا عن النظرة التقليدية بأن العقار السكني في الكويت لا ينخفض.

وأخيرا السيولة هي القوة، ففي ظل المؤشرات الراهنة وتزايد مؤشرات التصحيح في سوق العقار السكني الخاص، فإن الاحتفاظ بالسيولة (الكاش) قد يكون الخيار الأكثر حكمة في هذه المرحلة.

فمن يملك سيولة اليوم، سيكون في موقع أفضل للشراء لاحقًا بأسعار أكثر واقعية بعد اكتمال دورة التصحيح.

كما أن المعطيات الحالية ترجّح أن يكون العقار الاستثماري أكثر جدوى في المرحلة المقبلة، نظرًا لارتفاع العوائد الإيجارية واستقرار الطلب عليه، خاصة في ظل التغيرات الديموغرافية والضغوط المعيشية التي تدفع الأفراد نحو الإيجار لا التملك.

 مستشار قانوني عقاري

الكويت بوست ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة الكويتية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك